المحور الثاني : معايير الحقيقة اشكال المجور : ما معيار الحقيقة؟ هل هو مطابقة الفكر لمبادئه أم مطابقة الفكر للواقع أم هما معا ؟· الإتجاه العقلاني : ( رونيه ديكارت) :يعتبر
"ديكارت " أن الشك هو طريق الوصول إلى الحقيقة إنه الشك المنهجي في كل معرفة مكتسبة موروثة لو يتوصل إليها العقل فالتابث أن الحواس قد تخدعنا أحيانا كثيرة وما تقدمه من معلومات عن الأشياء قد تكون زائفة ومغلوطة ولذلك لايمكن الإرتكاز على معطيات الحواس لتكوين معرفة يقينية بالحقيقة.
إن الحقيقي في نظر
"ديكارت" هو ما يكون بديهيا متميزا في الذهن واضحا وضوحا عقليا لااختلاط فيه ولا التباس أي ما لايقبل الشك من أفكار نكون قد توصلنا إليها بعد ممارسة عملية الشك. إن الشك حسب
"ديكارت" ليس إلا خطوة غايتها بلوغ الحقيقة لا انكارها ووظيفة الشك هي تخليص العقل من الأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة.
وإذا كان الناس يتفاوتون في كل شيء فإن الشيء الوحيد المقسم بينهم على نحو عادل هو العقل وما دام العقل واحد لدى جميع الناس فإن الحقيقة العقلية واحدة والواقع الحقيقي هو ما يتبثه العقل.
· الإتجاه التجريبي : ( جان لوك)إن طريق الحقيقة إذن عند
"ديكارت" هو العقل كنور فطري في الإنسان العقل او الفكر وحده في منأى عن كل تجربة حسية وهذا ما يرفضه أصحاب المذهب التجريبي الذين يرون بان التجربة والحس هما المصدر الاول والمباشر لما نعلمه من حقائق وهذا ما عبر عنه أحد أقطاب هذا المذهب في انجلترا وهو
"جان لوك" بقوله:
" إن العقل يولد صفحة بيضاء ليس فيها أي شيء قبل التجربة وان جنيع أفكارنا مستقاة من التجربة إذ لايوجد في العقل شيء إلا وقد سبق وجوده في الحس" فالتجربة وحدها هي التي تنقش في عقولنا المباديء والأفكار وهكذا فليس هناك إطلاقا معان فطرية وموروثة إذ لو كان الأمر كذلك لتساوى الناس في المعرفة في كل زمان ومكان هذا في حين نجد الناس يختلفون في ذلك كثيرا، فالأعمى لايدرك الألوان والأطفال والمعتوهون لايدركون معنى الذاتية وعدم التناقض ولا معنى الجدية.
· الإتجاه النقدي : ( إيمانويل كانط)تقوم الفلسفة النقدية لدى
"كانط" على انتقاد العقل حيث أن العقل فشل في مجال الميتافيزيقا في حين حقق نجاحه على صعيد العلم. ويعتبر
"كانط" ان كل من الموقف العقلاني والموقف التجريبي كل منهما يختزل الحقيقية في بعد واحد في حين يؤكد هو ان هناك مصدرين للحقيقة :
العقل والواقع الحسي وهو يميز بين ملكتين لدى الإنسان :
- القدرة على تلقي الإنطباعات الحسية التي تعطانا عن طريق تأثرنا بالموضوعات الخارجية ويسميها
الحساسية.- القدرة على التفكير في هذه الإنطباعات الحسية ويسميها
الفهم، فالفهم يقوم بتركيب الإنطباعات والحدوس المستمدة عن طريق الحواس اعتمادا على مقولات عقلية مثل
العلية ، النفي....)
وهكذا فالحقيقة لاتوجد في الواقع ولا في الفكر على نحو جاهز وإنما يبنيها الفكر إنطلاقا من معطيات التجربة الحسية يقول
" كانط" :" الحدوس الحسية بدون مقولات عقلية تبقى عمياء، والمقولات العقلية بدون حدوس حسية تبقى جوفاء". يعني أن الحقيقة هي حاصل الجمع بين المقولات العقبية والحدوس الحسية.
(الحقيقة = الحدوس الحسية + المقولات العقلية مثال : الحديد يتمدد بالحرارة : الحدوس الحسية هي الحرارة + تمدد الحديد والمقولة العقلية هي "ب" السببية).
تركيب : إذا كان
"ديكارت" يؤكد
ان الحقيقة عقلية وأن الحقيقي هو البديهي والواضح والمتميز في الذهن
و"جان لوك" يرى أن
الحقيقة حسية فإن
"كانط" يقر أن
الحقيقة بناء يبنيها الفكر إنطلاقا من معطيات التجربة.