المحور الثالت : الحقيقة كقيمة
اشكال المحور : كيف تتحدد قيمة الحقيقة هل باعتبارها غاية في ذاتها أم بالنظر إلى كونها وسيلة لتحقيق ما يخدم الحياة الإنسانية؟ بعبارة أخرى هل تتحدد قيمتها بما هو أخلاقي أم بما هو عملي؟
· الحقيقة قيمة أخلاقية ( كانط)
يرى "كانط" أن الحقيقة قيمة أخلاقية قيمة عليا ينظر إليها في ذاتها بغض النظر عن نتائجها، فهو يعتقد أن الكذب ولو على إنسان واحد يضر بالإنسانية جمعاء. فيجب على الإنسان أن يعمل دائما بحيث يعامل الإنسانية في شخصه وفي الأخرين كغاية لا كوسيلة فالإنسان يكون فاضلا عندما ينشد بمحض إرادته الحرة قيمة عليا يراها خيرا أعظم لكونه كائنا عاقلا يحقق ذاته كإنسان أولا. وهكذا يكون في نظر "كانط" من يكذب على مجرمين يسألونه عما إذا كان صديقه الذي يتعقبونه مختبئا في منزله يكون قد ارتكب جريمة ، فالأفعال الإنسانية لاتكون خيرا بدافع من ميل بل تكون خيرا لأنها صدرت من أجل الواجب.
· الحقيقة قيمة عملية ( وليام جيمس) :
أصبحت الحقيقة مع الفلسفة البراغماتية حقيقة مرتبطة بقيم العصر كالمنفعة، العمل والمردودية والإلتصاق بالواقع الإجتماعي والإقتصادي والسياسي وبناءا على ذلك قام "وليام جيمس" بانتقاد التصور التقليدي الفلسفي للحقيقة معتبرا أنه إذا كانت الحقيقة في الفلسفة المثالية حقيقة عقلية خالصة لا علاقة لها بالواقع بل إن الواقع هو الذي يجب أن يطابقها فإن النزعة البرغماتية تقف على طرفي نقيض من هذا النصور إذ ترى أن الحقيقة ليست فكرية وأن الأفكار لاتستمد حقيقتها من ذاتها وإنما بالنظر إلى مردودها على حياة الإنسان ومدى ما تقدمه من منفعة مادية له. إن الحقيقي عند " وليام جيمس " هو المفيد أي أن الحقيقة ينبغي أن تكون قابلة للتطبيق ونستفيد منها استفادة مادية يقول : " إن الأفكار التي ينبغي أن نعتبرها صحيحة هي تلك التي تقول لنا أي نوع من الوقائع الضارة أو النافعة ينبغي أن ننتظر" إن الحقيقة إذن ليست غاية كما تصور ذلك " كانط " وإنما هي وسيلة لتحقيق المنفعة يقول وليام جيمس : " هنا يظهر أن امتلاك الحقيقة عوض أن يكون غاية في ذاته إن هو إلا وسيلة مقدمة يتوصل بها الإنسان إلى إشباع حاجاته الحيوية " .
خلاصة :
الحقيقة قيمة عليا وهذا يعني أنها هي ما يرغب فيه الإنسان ويتخده مثلا أعلى على المستوى النظري، العملي والأخلاقي، فللحقيقة قيمة عملية لأن إمتلاك أفكار صحيحة يسمح لنا بامتلاك أدوات ثمينة للعمل، وقيمة أخلاقية لأن معرفة الحقيقة يجعل الإنسان قادرا على التمييز بين ما ينبغي فعله وما لا يمكن فعله وبالتالي يمكن أن تسمح له بتجنب الخداع والدناءة والأفعال اللاأخلاقية التي تجعل الإنسان ذئبا لأخيه الإنسان.