المحور الثاني : الحرية والإرادة
إشكال المحور : هل أفعالنا نتاج لإرادتنا أم أننا ملزمون بها؟
· موقف ديكارت :
يرى رائد المذهب العقلاني " ديكارت" أن الإنسان كائن حر في اختياراته وأن هذه الحرية تقوم على الإرادة التي هي ملكة الفعل أو عدم الفعل انطلاقا من معرفة مسبقة بالفعل ونتائجه يقول "ديكارت" في هذا الباب ما يلي : " إن الإرادة إنما تقوم على استطاعتنا أن نفعل الشئ أو لانفعله وبعبارة أدق لكي نثبت أو ننفي الأشياء التي يعرضها الذهن علينا ولكي نقدم عليها أو نحجم عنها انما نتصرف بمحض اختيارنا دون أن نحس بضغط من الخارج يملي علينا ذلك التصرف" فالإرادة حسب" ديكارت" لا تخضع لأي إكراه خارجي أثناء فعلها أو عدم فعلها لذلك فهي المحددة للحرية الإنسانية. وعلى الرغم من كون إرادة الإنسان ليست مطلقة كما هو حال إرادة الخالق إلا أنها تتمتع بقوة تجعلها محددة لحرية الإنسان تحديدا مطلقا.
· موقف جان بول سارتر :
ضد النزعة الحتمية المسيطرة في ميدان العلوم الإنسانية والتي ترى أن الفرد خاضع لمححدات نفسية( اللاشعور مع " فرويد") واجتماعية... وعكس النزعة الماهوية المسيطرة في فلسفة الأنوار والتي تؤكد أن ماهية الإنسان سابقة على وجوده ، أعلنت النزعة الوجودية والتي يمثلها "سارتر" عن ميلاد الإنسان من جديد بعدما اختفى مع الخطاب الفلسفي الذي ساد في عصر الأنوار وخطابات العلوم الإنسانية ، إن الوجود سابق عن الماهية ومن ثمة فالإنسان في نظر " سارتر" يشكل ذاته وهويته ويحددها في ضوء ما يختار لنفسه كمشروع في حدود امكاناته فيكون الإنسان من هذا المنظور الذي عبرت عنه الوجودية ليس فقط كما يتصور ذاته فحسب بل كما يريد أن يكون في نظر الغير. إن الإرادة هي التي تمكننا من السعي بروية وتأمل وراء الغايات التي نطمح إليها وهكذا فمن أراد أن يكون شجاعا سيكون كذلك ومن أراد أن يكون جبانا سيتحقق له ذلك وهناك امكانية الإنتقال من حال لحال أخر حسب "سارتر".
إن الإنسان كائن حر في اختياراته فلا وجود لإكراهات خارجية تجبره على هذا الفعل أو ذاك كما أنه يشكل ذاته وماهيته على ضوء ما يختاره لنفسه فالإنسان مشروع أي أنه يتحدد بما هو ات وفق إرادته.
تركيب:
اكد" ديكارت " على حرية الانسان القائمة على الارادة أي القدرة على الفعل او عدم الفعل ،هذه الحرية التي اتخذت مع"سارتر" منحى جديد تمثل في الغاء كل الحواجز(دينية، اجتماعية ،سياسية...) التي يمكن ان تقف عائقا في طريق تشكيل الإنسان لهويته .وبهذا اصبح هذا الاخير رب افعاله وصانع مصيره.