تندرج هذه القولة ضمن مجزوءة السياسة و بالتحديد ضمن وحدة الدولة و تتناول اشكال مشروعية الدولة و الغاية من تكونها ؛ الدولة التي هي تلك الجماعة البشرية التي تحتكر حق الاستعمال المشروع للعنف داخل مجال ترابي معين ، فمن أين تستمد مشروعيتها ؟ و ما هي الغايات القصوى لها ؟ هل هي غاية في ذاتها ؟ أم أن وظيفتها هي تحقيق الأمن والسلم و الحفاظ على التوزيع القائم للخيرات و الحقوق ؟ بالرجوع إلى القولة للإجابة عن هذا الإشكال نلاحظ أنها تتضمن تحديدا وظيفيا للغاية وراء تكون الدولة حيث تقتصر وظيفتها فقط على الحفاظ على التوزيع القائم للخيرات المدنية و تنميتها ، حيث تستمد مشروعيتها حسب صاحب القول من تجمع الناس ( تجمع الأفراد ) . إذن يتضح أن وظيفة الدولة أو الغاية من تكونها تتمثل في ضرورة الحفاظ على الممتلكات و ضمان الحقوق و أن تجمع الأفراد هو ما يمنحها مشروعيتها . حيث نجد هذا المنظور الذي يتبناه صاحب القولة ، عند جون لوك الذي يؤكد على أن وظيفة الدولة ترتكز فقط على ضمان الحقوق و حماية الممتلكات و الخيرات كما يعتبر أن القوة المجتمعية لكل الأفراد هي أساس مشروعيتها . في حين نجد أن توماس هوبز يرى أن الدولة تنشأ عن تعاقد حر و إرادي بين أفراد المجتمع ينقلهم من حالة الطبيعة ( حرب الكل ضد الكل ) إلى الحالة المدنية ( حالة أمن و سلم ) ؛ فتكون غايتها إذن تحقيق أَمْنِهَا و سِلْمِهَا الداخلي و الخارجي ، و السبيل الوحيد لإقامتها هو تنازل جميع أفراد المجتمع عن كل ما لهم من سلطة و قوة إلى رجل واحد أو إلى مجلس واحد لتصبح كل الإرادات إرادة واحدة منبثقة عن قانون الأغلبية . و في مقابل المنظورين السابقين نجد منظورا آخر يمثله هيغل الذي ينتقد التصور التعاقدي الذي يجعل للدولة غاية خارجية مثل الأمن أو السلم أو الحفاظ على التقسيم القائم لخيرات ... و يرى في مقابل ذلك أن غاية الدولة باطنية و ليست خارجية ؛ فالدولة غاية بذاتها و في ذاتها لأنها تجسيد للعقل ولروح الأمة ، إن الدولة وفق هذا التصور هي التحقق الفعلي للإرادة الجوهرية حيث تصل فيه الحرية إلى حدها الأقصى . أخيرا يمكن أن نستخلص أن للدولة ، سواء اعتبرنا أساس مشروعيتها القوة المجتمعية للأفراد أو الهيمنة المشروعة وظائف متعددة و مختلفة ، منها ما يتعلق بخدمة الذات كفرد فتضمن له حريته و تحافظ على ممتلكاته ، و منها ما يتعلق بخدمة الجماعة إذ تحقق لها أمنها و سلمها الداخلي و الخارجي حيث ترتبط وظائفها بطبيعة القانون أو السلطة السياسية بها . |